لم تفتأ جمعية فاس سايس منذ تأسيسها سنة 1986 تعمل جادة وتضع نصب عينيها أهدافا وغايات نبيلة شكلت أرضية اختياراتها وجهة مسارها التنموي على المستويات الثقافية والاجتماعية والاقتصادية بما يمكن أن يعكس روح الاجتهاد، ويركز حوافز العطاء والإنتاج والإبداع على الصعيد الجهوي والوطني والدولي.
ولعل نظرة الجمعية الشمولية ورؤيتها المتفتحة قد لعبتا دورا في إكساب أعمالها ونشاطاتها طابع التعددية والإشعاع الواسع المتزايد في كل الميادين التي حظيت باهتمامها.
ففي ميدان المعمار أخذت الجمعية على عاتقها عددا من المشاريع لإنقاذ مدينة فاس وخاصة المتعلقة منها بالمواقع ذات الحضور التاريخي أو العلمي المتميز، وكرست كل طاقاتها وإمكاناتها للتعجيل بإنجاز أكبر عدد ممكن قابل للتمويل فيها، وما كان لهذا الاختيار إلا أن يكون صائبا بفضل الالتفاتة المولوية الكريمة والمبادرة الحسنية الرائدة المتجلية في ترميم المدرسة المصباحية، أثمن مشروع وأعرق معلمة في برنامج الإنقاذ.
ولقد اقتفى هذا الأثر الحميد، ثلة من الغيورين على الحضارات والتراث، وهكذا بدأت عملية كبرى لصيانة وترميم كثير من الصروح المعمارية التاريخية لمدينة فاس. وقد رفعت الجمعية شعار – لكل مهندس معماري مشروع في الإنقاذ – هذا الشعار الذي قوبل آنذاك بالترحيب من الهيئة الجهوية للمهندسين بفاس والذي نرجو أن يجد الصدى الطيب لدى المحبين والغيورين على مآثر فاس.
فبرعاية الجمعية تم الآن إصلاح سبع وستين سقاية بالمدينة والتي أدت ولازالت دورا اجتماعيا لدى السكان لممارسة العادات والعبادات وتعتكف الجمعية على إصدار كتاب خاص بهذه العملية المتميزة.
أما فيما يخص المجال الثقافي، فقد عنيت الجمعية بتعميق الوعي الاجتماعي وربط الإنسان المغربي بقيمته الحضارية والتاريخية إيمانا منها بأن إصلاح المحيط رهين بإصلاح الإنسان الذي يعيش فيه، وتوعيته بدوره الفعال في بناء تاريخه وحضارته، وهكذا وضعت برنامجا واسع النطاق يحدد المرامي والأهداف من محاضرات وندوات وتكريمات ومناظرات ورحلات توجتها رحلة الوحدة التي شهدت ملتقى للطاقات الفعالة على مستوى المغرب العربي تحقيقا لرغبة القادة في الاندماج والوحدة.
أما فيما يخص الرياضة والشباب فقد ركزت الجمعية مجهوداتها على تكريم الأبطال المغاربة سواء كانوا في فاس أو في غيرها وتنظيم سباقات ومخيمات صيفية.
وفي المجال الاجتماعي فإن اللجنة الاجتماعية قامت بوضع ملفات لكل القضايا الاجتماعية التي تعاني منها المدينة، وقد أصبحت عملية ضيف الله في شهر رمضان المبارك ذات بعد إنساني شامل أدخل كثيرا من الارتياح على مئات الأسر المعوزة.
وفي المجال الصحي برزت عملية نور الرحمان لإزالة الغشاوة عن الأعين المتضررة، وهكذا فقد استفاد من هذه العملية الطبية الإحسانية عدد كبير من المرضى، بما في ذلك عملية زرع العدسة البلورية.
ناهيك عن تقديم كراسي متحركة للمعطوبين والمشلولين وزيارات متكررة للملاجئ ودور العجزة لمعرفة بعض الحاجيات وتقديم المساعدات الضرورية.
وتجدر الإشارة أن المجال التربوي حظي باهتمام كبير منذ سنة 1997 حيث عملت الجمعية على احتضان برنامج التربية غير النظامية الذي حقق على مر سنين نتائج جد مرضية تجلت في محاربة الهدر المدرسي وإدماج ما يناهز 70 طفل غير ممدرسين في أقسام التعليم العمومي. أما موضوع الهجرة فقد حظي هو الآخر بعناية خاصة من طرف الجمعية تجلت أساسا في تنظيم أيام صحية وقوافل طبية ولقاءات مبرمجة مسبقا لتوزيع الملابس والأغطية والمواد الغذائية على المعوزين من المهاجرين.
بخصوص موضوع المرأة كشريك فعال ورئيس في دفع عجلة التنمية والاقتصاد والتطلع إلى غد أفضل فقد تصدر مكانة متميزة من خلال التظاهرات التي تنظم على ضوء الإصلاحات السياسية والاجتماعية والحقوقية والاقتصادية التي جاء بها دستور 2011.