ندوة في موضوع : عودة المغرب إلى الاتحاد الإفريقي . أية رهانات ؟

تميزت بداية سنة 2017  بانتصار دبلوماسي كبير للمغرب حيث سجل عودته إلى الاتحاد الإفريقي، الإطار المؤسساتي الطبيعي الذي ينتمي إليه بحكم الانتماء الجغرافي والتاريخي والمصير المشترك الذي يجمعه  بالدول الإفريقية. ولم يتوقف المغرب طيلة سنوات عن التوظيف الإيجابي لكل الحمولات  الاندماجية الجديدة سواء تعلق الأمر بالمقاربة التنموية الحضارية التي شكلت نموذجا جديدا  استطاع المغرب من خلاله الانتقال إلى الأسلوب الواقعي الذي يؤمن  بالحركية والدينامية الاقتصادية الجديدة ضمن مفهوم الإقليمية المتطورة التي تستوعب الكيانات الدولية الإفريقية، وتتقاسم معها كل هموم الإنسان الإفريقي من  إشكالية الأمن إلى الأزمات الاقتصادية، أو التعبئة الروحية والدينية، أو التركيزعلى جانب الحفاظ  على مكتسبات  القارة الإفريقية.

ووعيا منها بأهمية المواكبة لهذا الانتصار الدبلوماسي الذي يرجع الفضل فيه للدبلوماسية الملكية نظمت جمعية فاس سايس، وجامعة محمد بن عبد الله ندوة دولية تحت الرعاية السامية لجلالة الملك  محمد السادس وذلك يومي: 05 /06 ماي في رحاب كلية العلوم والتقنيات  في موضوع * رهانات عودة المغرب للاتحاد الإفريقي * تناول فيها الباحثون والمختصون بالعرض والتحليل المحاور التالية :

* العلاقات المغربية الإفريقية عبر التا ريخ رصيد لبناء المستقبل ؛
* المؤهلات الجيوستراتيجية، والاقتصادية والبشرية للمغرب من أجل خدمة التنمية بإفريقيا؛
* إفريقيا فضاء للتسامح، ورباط كوني للتنوع والتواصل الثقافي والديني.
* النموذج المغربي الجديد لتدبير الهجرة الدولية، والرقي الاجتماعي الشامل  في إفريقيا.

العلاقات التاريخية: كلمات الجلسة الافتتاحية

خصصت الجلسة الافتتاحية في الندوة الدولية  لكلمات الجهات المنظمة، وشهادات السادة السفراء. وفي معرض كلمته تحدث السيد رئيس جامعة محمد بن عبد الله  الدكتور عمر الصبحي عن العلاقات التاريخية بين المغرب، وإفريقيا، كما نوه بالخطاب الملكي السامي الذي ألقاه جلالته في (أديس أبابا ) ودوره في  عودة المغرب إلى الاتحاد الإفريقي، بالإضافة إلى دور جامعة محمد بن عبد الله في استقطاب عدد كبير من الطلبة الأفارقة .

وأخذ الكلمة  السيد  الرئيس الوطني لجمعية فاس سايس السيد مولاي إدريس العلوي المدغري الذي نوه في مستهل كلمته بالقرار الشجاع للمغرب في عودته للاتحاد الإفريقي، وأضاف بقوله : نحن في عالم يسير بوتيرة سريعة، والمغرب يشارك بهذه الوتيرة، وله رهانات سنتحدث عنها في هذه الندوة، والمستقبل هو  لإفريقيا، وهذا تحدي هام للمغرب، والتحدي الثاني يتمثل في التنمية، والدبلوماسية الناجحة لصاحب الجلالة في السياسة والاقتصاد… وهي تحديات أولوية. وختم  كلمته بتوجيه عظيم الشكر والامتنان إلى السيد محمد القباج على ماقدم لجمعية فاس سايس من تفان وعطاء، وإنجازات جعلتها أيقونة النسيج الجمعوي بالمغرب.

السيد الرئيس المؤسس لجمعية فاس سايس ضمن الشخصيات الحاضرة في الجلسة الافتتاحية
السيد الرئيس الوطني لجمعية فاس سايس ضمن الشخصيات الحاضرة في الجلسة الافتتاحية
السيد رئيس مكتب الجمعية رفقة بعض أعضاء الجمعية وشخصيات يتابعون أشغال الندوة

العلاقات التاريخية: كلمات الجلسة الافتتاحية

السادة السفراء الذين كانت لهم شهادات وازنة عن المغرب ومساهمته في تنمية إفريقيا يمثلون الدول  التالية. (السنغال –غينيا – مالي – ساحل العاج – الغابون –نجيريا). وهكذا تحدث  سفير الغابون عن عودة المغرب قائلا : إن المغرب دائما في قلب إفريقيا، ودائما يساهم في تنميتها، وإفريقيا في قلب العالم، ولها قوة التأثير عليه. وأضاف : “إن زيارات  الملك محمد السادس المتكررة  لعدد من الدول الإفريقية  لعبت دورا تاريخيا  في العودة، وصنع جلالته حدثا هاما”. ثم وجه كلامه للحضور قائلا : “أنتم الباحثون، وأنتم الطلبة، والشركاء أنتم صناع الحدث، والإعلاميون صناع الحدث كل واحد من موقعه”.

أما سفير دولة مالي فعبر بدوره عن سروره الكبير بتواجده في مدينة فاس التي درس في جامعتها ،وكذا عودة المغرب لبيته (الاتحاد الإفريقي ).

وعن مدى تأثره العميق  عندما أخذ جلالة الملك محمد السادس الكلمة في (أديس أبابا) أسهب سفير السنغال، وأوفى في الحديث عن الطريقة التيجانية ودورها في الدبلوماسية الروحية، وفاس المدينة المقدسة التي  تحتضن مقر الزاوية التيجانية، والأدوار التي قام بها سيدي أحمد التيجاني  في نشر الصوفية، كما ذكًر باستفادة (140) إماما سنغاليا من التكوين في مؤسسة محمد السادس لتكوين الأئمة الأفارقة.

الخيار الاستراتيجي للمغرب

عودة المغرب إلى الاتحاد الإفريقي خيار استراتيجي يستوعب التناقضات الإقليمية والدولية هذا ما جاء في  مضامين  مداخلة الدكتور أبو الفراح  في الجلسة العلمية التي انطلقت في اليوم الثاني من الندوة العلمية، وقد خصص المحاضر مساحة مهمة للحديث عن المحطات الكرنولوجية التي عرفها مسار تطور علاقات المغرب مع بعده الإفريقي. وفي نفس السياق قدم الدكتور رشيد المرزكيوي في مداخلته الإشكالات القانونية والاندماج الإفريقي، وأوضح أن هناك عناصر جوهرية استدعت استعجالية انضمام المغرب للاتحاد الإفريقي، وفي هذا الوقت بالذات منها :

– أولا : لم تعد موازين القوى السائدة قبل ثلاثة عقود في القارة الإفريقية هي الناظمة لعلاقات بلدان القارة فيما بينها؛

– ثانيا : لم تعد الحسابات الجيوسياسية التي كانت قائمة هي المتحكم الأساس في علاقات البلدان الإفريقية بعضها ببعض. لقد بات البعد الاقتصادي والتجاري أحد الأبعاد الكبرى التي تؤثث طبيعة العلاقات؛

– ثالثا : لقد طالت القارة الإفريقية ظواهر ومستجدات لم تكن ضاغطة من قبل؛ إذ دفعت تيارات الهجرة  العابرة للحدود، ومد الحركات الإرهابية بالعديد من الدول للبحث عن حلفاء جدد للحد من هذه الظواهر وتأثيراتها…

أما السيد مدير شؤون الهجرة بوزارة الخارجية والتعاون الدولي فقد تحدث في مداخلته عن  التصور المغربي للهجرة خلال الاستراتيجية الوطنية  للهجرة واللجوء، حيث ركز على مجموعة من الإجراءات لإدماج المهاجرين  : تسوية وضعية طالبي الهجرة  بمساهمة المجتمع المدني (11 برنامج عمل ) على المستوى الصحي، والتربوي، والترفيهي والشغل والسكن. وخلص إلى أن الهجرة ليست مشكلا ولكنها وضعية يجب تدبيرها.

* إفريقيا فضاء للتسامح ورباط كوني للتنوع والتواصل الثقافي والديني* هو عنوان المداخلة التي شارك بها الدكتور  حسن الزاهر عميد كلية الشريعة حيث ركز فيها على البرامج الدينية والتكوين الذي يقوم به المغرب لصالح دول إفريقيا .

وعن دور التعاون الأكاديمي والعلمي كرافعة للتنمية الإفريقية  تحدث الدكتور إبراهيم أقديم نائب رئيس جامعة محمد بن عبد الله عبر المحاور التالية :

  • العلم والابتكار والتنمية وضرورة الانفتاح؛
  • استراتيجية التعاون الجامعي الدولي؛
  • تشخيص الوضعية للطلبة الأجانب؛
  • مساهمة الجامعة  في البحث العلمي  والإصدارات.

خلاصة واستنتاج

ومن مضامين المداخلات  نستخلص أن المغرب راهن على خيار استراتيجي ذكي يضع جانبا كل الخلافات السياسية، ويبحث عن الفرص  السانحة لشراكات قوية مع إفريقيا تحرص على تقديم الخدمات المتبادلة للشعوب الإفريقية، مع استخدام آليات الريادة الجهوية في المجال الحيوي للمغرب باعتباره قاطرة حقيقية للتنمية في إفريقيا، ونموذجا للدولة الوطنية الراسخة في القدم والتي تمتلك مقومات حضارية واعدة تجعل منها محط إجماع الدول الإفريقية.

وختاما توجت هذه الندوة بتلاوة نص البرقية المرفوعة إلى السدة العالية بالله التي ألقاها الأستاذ محمد فوسحي.

السادة رئيس مكتب الجمعية بفاس والكاتب العام الوطني والنائب الأول للرئيس الوطني يتابعون أشغال الندوة
السيد رئيس جامعة سيدي محمد بن عبد الله يكرم السيد الرئيس الوطني للجمعية
السيد رئيس جامعة سيدي محمد بن عبد الله يكرم السيد الرئيس الوطني للجمعية
السيد رئيس جامعة سيدي محمد بن عبد الله يكرم السيد الرئيس المؤسس للجمعية